الأربعاء، 6 أبريل 2016

الشاعر مفرج السيد ,,,,

مفرج السيد شاعر من شعراء المملكة المعروفين وبالرغم من عدم حبه للظهور وبعده عن الأضواء فقد طلب منه أكثر من ناد أدبي إقامة أمسية شعرية كالنادي الأدبي بمكة المكرمة والنادي الأدبي بالمدينة المنورة إلا إنه اعتذر والأمسية الوحيدة التي أقامها كانت بمدينة المهد التي أمضى بها زهرة شبابه وبدعوة من إدارة تعليمها في حقل النشاط الطلابي وبالرغم من هذا التعتيم على نشاطه الأدبي من قبل نفسه إلا أن له انتشارا واسعاً في الصحف والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى وأطروحات الدكتوراه والماجستير عن الشعر السعودي المعاصر وقد نشر شعره في مجلة المنهل وصحيفة المدينة والندوة والبلاد وعكاظ والرياض ونشرت شعره بعض المجلات العربية والإسلامية في الخارج وعملت معه الإذاعة السعودية والتلفزيون السعودي أكثر من لقاء وأذيعت بعض قصائده بالإذاعة السعودية والإذاعة الأردنية الهاشمية وإذاعة صنعا والقسم العربي بالإذاعة البريطانية .
ولادته ونشأته :
ولد الشاعر مفرج السيد بمدينة بدر ذات الأثر التاريخي المعروف في عام 1360هـ في بيت علم وفضل وشرف فوالده من متعلمي ذلك العصر الأمي وله إلمام بالحديث والفقه والتاريخ ووالدته تحفظ القرآن وتجيد القراءة والكتابة في وقت يندر فيه تعلم المرأة كما أ، والده كبير قبيلة السادة الردينيين المنتسبة إلى الحسين بن على رضي الله عنهما وقد تلقى الابن الشاعر تعليمه في الكتاتيب بمسقط رأسه بدر فدرس لدى خاله الشيخ عبد المطلب على الرديني ثم لدى الشيخ الشريف عبد الحميد محفوظ القرآن ومبادي القراءة والكتابة وعند فتح المدرسة السعودية الابتدائية في عام 1367هـ التحق بها وأتم دراسته الابتدائية بالمدرسة الناصرية بالمدينة المنورة فتلقى العلوم علي يد نخبة من المعلمين منهم حمزة قاسم مدرس اللغة العربية ومحمد حميدة مدرس التاريخ ومحمد طاهر مدرس الجغرافيا وخلافهم من فطاحل المعلمين في ذلك الوقت ونال الشهادة الابتدائية عام 1373هـ .
حياته العملية :
تحصل الشاعر على دبلوم اللاسلكي من مكة المكرمة بعد دراسته بالمدرسة اللاسلكية بينبع وتعين كمأمور مخابرة بالليث ثم انتقل إلى المهد فالمدينة المنورة ثم عاد إلى المهد كمراقب لاسلكي وفي عام 1392هـ تم نقله إلى موطنه بدر وظل به مديراً للاتصالات حتى أحيل للتقاعد في عام 1415هـ وهو الآن يمارس التجارة والأعمال الحرة .
شعره ونثره :
لقد اهتم مفرج السيد بنظم الشعر وكتابة المقالة والقصة القصيرة وبدأ ينشر إنتاجه الأدبي في الثمانينات من القرن المنصرم في مجلة المنهل الذي رأى صاحبها المرحوم الشيخ عبد القدوس الأنصاري بوادر شاعريته ومنها (( جحا في ضيافة جحا )) و (( الغرفة الخالية )) .
وللشاعر من الدواوين المطبوعة :
1- فيض الأحاسيس صدر عن دار ثقيف بالطائف عام 1399هـ ثم أعيد طبعه في عام 1414هـ .
2- رشة عطر صدر عن النادي الأدبي بالمدينة المنورة في عام 1418هـ .
3- قصص وأساطير شعبية من منطقة المدينة المنورة ( بدر ووادي الصفراء ) صدر عن دار المفردات عام 1437هـ / 2015 م .
4- بدر ووادي الصفراء .. عادات وتقاليد .. حكايات وذكريات ، صدر عن دار المفردات ، عام 1437هـ / 2015 م .
5- قنابل وسنابل مجاز من إدارة المطبوعات بالمدينة ولم يتم طبعه .
6- أربعة دواوين أخرى مخطوطة هي بوح السنين وآفاق سامية وسحر وقصائد ليست للنشر .
نماذج من شعره :
لقد طرق الشاعر مفرج السيد شتى إغراض الشعر وطنيات وغزل ومديح ورثاء وخلاف ذلك من فنون الشعر ولكني سأقتصر هنا على ثلاثة أغراض من الشعر لدى الشاعر هي الشعر الوطني والغزل وشعر الوصف والطبيعة .
الجانب الوطني من شعره :
في الأثر حب الوطن من الإيمان والشاعر مغرم بوطنه حتى النخاع ومفهوم الوطن لديه يبدأ من مسقط رأسه مدينة بدر مروراً بوطنه الذي ينتمي إليه السعودية وانتهاءً إلى وطنه الشامل العربي الإسلامي
يقول الشاعر في قصيدة بعنوان ( ترنيمة للوطن ) :
لا حب قد كان في الدنيا ولم يكن ** في سالف العصر أو في حاضر الزمن
أحلى وأعظم من حب يهيم به ** طيفاً يرفرف في صحوي وفي وسني
أهواك في كل حالاتي إذا ابتسمت ** بيض الأماني وإن يغزو الكرى شجني
حملت حبك في هذى الحياة معي ** وسوف أحمل هذا الحب في كفني
إلى أن يقول :
حسبي إذا نهت فخراً أن يكون مدى ** فخري بحبك في سري وفي علني
إذا سئلت رفعت الرأس في صلف ** وقلت هذا الذي فوق الذرا سكني
وفي قصيدة بعنوان { بدر } يخاطب مدينة بدراً التي تربض على أكتاف المجد والتاريخ قائلاً :
بدر
رافع الرأس شامخاً في القامة ** ووقار السنين يملو الهامة
ذاك بدر بمجده وعلاه ** يومه اليوم قد زها أيامه
فوق هام العلا بدا يتراءى ** قد حباه الإله منه وشاقه
غرة في ملامح الفتح تكسو ** قسمات الجبين طبع الوسامه
وعلى الثغر والشفاه تراءى ** للحاظ العيون طيف ابتسامه
وإذا ما استهل للحرب ذكر ** بان عند الخطوب وجه الجهامه
ويجرفه الشوق والحنين إلى طبية الطيبة حيث عاش بين ربوعها فترة في بداية دراسته فقال في قصيدة بعنوان { الحنين إلى طيبة } :
لحنين إلى طيبة
إلى بلد الرسول هفا فؤادي ** وأرقني مدى ليلي وسهادي
يحن لمنبع الإسلام قلبي ** لدار عاش فيها خير هادي
وطار بي الخيال على جناح ** من الأحلام قد منعت رقادي
تذكرت الدراسة كنت طفلاً ** ولكني شببت عن المهاد
وسل في الناصرية عن وجودي ** وعن دأبي وجدي واجتهادي
وأضح أهل طيبة محض ودي ** لهم في العلم بيض الأيادي
وفي قصيدة بعنوان { مكة الإيمان } يقول :
مكة الإيمان
مكة قد شع بالوادي سناها ** وازدهرت بالنور منها ضفتاها
ولد الهادي بها في عصر جهل ** وظلام فيه تشكو من دجاها
وأتاه الوحي من رب البرايا ** فهدى الناس به نحو هداها
ثم يقول :
إيه يا أم القرى أي فخار ** كوفود الحج قد ضافت إلها
عرفات الله قد ضمت ألوفاً ** خضعت لله شكلاً واتجاها
فهنيئا مكة الإسلام إنَّا ** نحو بيت الله أحنينا الجباها
وعلى نطاق الوطن العربي الواسع يقول الشاعر في قصيدة بعنوان { العرب } مباهياً ومفاخراً بمآثر قومه العرب :
العرب
سائلوا التاريخ عنا إن أجابا ** ذكر المجد الذي يعلو السحابا
إن قومي إن علمتم أو جهلتم ** رفعوا في ذروة المجد القبابا
حدث التاريخ عنهم من قديم ** خبراً فذَّا وذكراً مستقابا
أمتي إن نسبت يوما لقوم ** فهي في العلياء أصلاً وانتسابا
يعرب العرباء أصلي ووجودي ** نسب بالذل يوماً لن يشابا
وبعد أن يذكر الكثير من مكارم العرب يختتم ملحمته قائلاً :
نحن من عشنا على الماضي زمانا ** وبنينا الحاضر الزاهي خطابا
ننتقي من كل عصر ومكان ** خير ما في العصر نختار اللبابا
حدثوني هل رأيتم مثل قومي ** يملكون المجد إرثاً واكتسابا
ولا ينسى شاعرنا في غمرة الأحداث أن يعرج على قضية الساعة فلسطين الوطن الحبيب السليب فيقول مخاطباً القدس الشريف في قصيدة بعنوان { صرخة القدس } :
صرخة القدس
يـا قــدس يـا كـبـش الـفـداء وجـنة الوطن السلـيـب
مـالي أرى صـهـيـون تـنشر فـيك أحـزان الـمغـيــب
وتـزيـد وطـأتـها علـيـك بـمـيـسم الظــلـم الــرهـيــب
والـصـوت يـصـرخ بالـنـداء ومـا هنالـك من مجـيـب
إلا صـدى الأطـفـال نـادى جـئـت يا وطـني الحبـيـب
لينهي قصيدته قائلاً :
إنـّا بنو الـقعـقـاع والـمرقــال في الـعـهـد الـقـديـم
وابــن الـولـــيــد الــقـائــد الـفــــــــذ الـعــــظـيــم
وبـنـو صــلاح الــديــن في الـنسـب الـصـمـيــــم
والــــذل يـــأبـــاه الــكــريـــم ابــن الــكــريــــــم
ومــضـى الـخـنـوع فــلا عـبــيـــد ولا حــريــــم
وبعد توالي الأحداث يصرخ قائلاً في قصيدة تحمل اسم { رب إن اليهود } :
رب إن اليهود
رب إن اليهود عاثوا فسادا ** يقتلون البنات والأولادا
يقتلون الرضع في المهد بنتاً ** أو وليداً ويثكلون المهادا
والشيوخ الكبار كانوا ذكوراً ** أو إناثاً وما راعوا الأجدادا
والشباب النظير كالورد يزهو ** جعلوا الموت للشباب حصادا
ثم ينحي باللائمة على المجتمع الدولي الذي يسمع ويرى ولكن دون شجب أو نكران
وعيون الأنام ترنو إليهم ** تشهد الاجتياح و الإضطهادا
ليس فيهم لفعلهم من نكير ** وكأن القلوب أضحت جمادا
ويحث العرب والمسلمين على الجهاد فيردف قائلاً :
يا بني العرب يا سلائل عمرو ** وصلاح ومن بنوا الأمجادا
ثالث المسجدين يشكو إليكم ** وفلسطين تطلب الإنجادا
أين حق الإخاء والدين منكم ** هل نسيتم مع الزمان الجهادا
فانهضوا للجهاد من كل حدب ** فلقد ثاب للنداء المنادي
وهذه قصيدة بعنوان " كلهم محمد الدرة " ، لا يمكننا أن نقطع أو نقطتع جزءاً منها لأن موضوعها وسياقها مترابط ببعضه ، فلنسمع لها بإنصات :
كلهم محمد الدرة
لأجل عينيك جاء المجد يفتخر**يادرة قد زهت من نورها الدرر
غالتك صهيون طفلاً يا ابن اندلس ** أخرى وكم غيرها ضاعت لنا أخر
كشمير برما مع الشيشان تزهمنا ** لنا تنادي وما في الحي مبتدر
محمد ذلك المقتول علمنا ** أن الشهيد إذا ما مات منتصر
بطولة من دم غال يسطرها ** على جبين العلا والحق ينتحر
وأسلم الروح في أحضان والده ** ألقى على الصدر رأسًا وهو يحتضر
رصاصة بل رصاصات مدوية ** في رأسه الشامخ المرفوع تنفجر
يقول للوالد المحزون في ثقة ** عبارة حولها التصميم ينحصر
لا تخش يا والدي إني أنا رجل ** ودمعة الوالد المثكول تعتصر
هناك في القدس والأطفال قد نهضوا ** وكلهم للفدا أرواحهم نذروا
عزل ولكنه الإيمان سلحهم ** بالله والحق في أيديهم الحجر
كأن فيهم صلاح الدين ممتشقًا ** حسامه قال جئنا القدس يا عمر
شعر الوصف والطبيعة :
لشعر الطبيعة مجال واسع عند شاعرنا ولكن محدودية بحثنا وضيق الوقت يجعلنا نكتفي بمقاطع متفرقة من شعره في هذا الشأن وأول ما نراه أمام أعيننا قصيدة بعنوان " ليل القرية " يقول فيها :
ليل القرية
الشمس غابت واختفى الألق ** وبدا رويدًا يظهر الشفق
وبدت نجوم الليل طالعة ** ترنو كما ترنو لنا الحدق
والبدر وافى بعد آوانة ** كسبيكة يزهو بها الأفق
وبدت وراء السفح راعية ** في صحبة الأغنام تنطلق
وشياهها للحي آيبة ** بحليبها للحي مغتبق
وهناك راع غابه طرب ** لمجاهل الأجواء يخترق
وبعد أن يأتي على ذكر منظر القرية الجميلة في ليلها الهادئ ينهي شريط الوصف بهذه الأبيات :
ومضى قطار الليل منطلقًا ** حتى سجى وخلت به الطرق
السامرون بليلهم جمعوا ** في مجلس زانت به الحلق
والعاشق المشغوف في وله ** في لوعة الأشواق يحترق
ومسافر راحت مطيته ** يمتد بالحادي لها عنق
والهاجعون بنو مهم نعموا ** ما مر في أجفانهم أرق
حتى أطل الصبح مبتسمًا ** عن غرة بالنور تنبثق
ويذهب الشاعر في اجتلاء محاسن الطبيعة شتى المذاهب ، فهو في قصيدة يختار لها اسم " الصباح " يعطينا وصفًا للصباح بجميع مناظره الجميلة الفاتنة في فصل الربيع الآخذ ، يقول الشاعر في الصباح :
الصباح
أشرق الصبح ناديًا بساما ** وعلى الكون يبعث الأنساما
ناعمات الهبوت معتدلات ** تتهادى هناك غربا وشاما
في زمان الربيع والورد يبدو ** عاطر النفح يفتح الأكمام
قطرات الندى تذوب وتسقي ** غصن أوراقه وتحكي الغمام
وشذى الفل والرياحين يزكو ** شاب عطر الزهور نفح الخزامى
إلى أن يستطرد فيقول :
والنواعير صوتها يتوالى **مع ذاك البهاء يعطي انسجاما
ومضى عامل الحقول يغني ** وعلى نصفه يشد الحزاما
وهناك عدة قصائد للشاعر في وصف الطبيعة تستأهل أن استعرضها كاملة لأن عرض بعض أبيات من أية قصيدة لا يظهر جمالها كاملاً فهي كمثل العروس المجلوة التي لا يرى لمشاهد منها إلا أطراف بنانها ، وحيث أن المجال ضيق كما أسلفت .
وأما في موضوع وأي موضوع يستوعب الحيز الأكبر من شعر الشاعر لذا فسأستكفي بعرض بعض مقاطع من قصيدة " الإشراق والقرية " :
الإشراق والقرية
أغسلي يا شموس بالمسحوق ** غرة الأرض من ضياء الشروق
ناصع في البياض والنور يزهو ** وتنام الحبوب فوق العذوق
يلثم النور جبهة الأرض يضفي ** فوق هام الجبال ومض البروق
حينما يصبغ الأزاهير طل ** كانتشار الدماء بين العروق
ثم يستطرد وبعد عدة أبيات :
ذاك في القرية الجميلة صيفًا ** أو ربيعًا وما أتت بعقوق
تنشر الخير بين حقل ومرج ** قد رعته الشياه خلف النوق
حتى يختم قائلاً :
قريتي في مرابع الريف تجثو ** في شموخ وعزة ووثوق
شعر الغزل والنسيب :
دون مقدمة أود أن أضع أمام المتلقي هاتين القصيدتين الجميلتين :
القرار الأخير
لا تسأليني قد أخذت قراري ** وأقولها جهراً ولست أداري
وأقول إني ألف ألف في الهوى ** مشدودة وهواه شد إساري
يهواه قلبي والعيون ومهجتي ** ودمي وأوردتي ودمعي الجاري
والعطر والمكياج حتى حمرتي ** والكحل في عيني وفي أشفاري
وذيول فستاني وكم بلوزتي ** والفتحة العذراء في أزراري
وعبير منديلي ونفح غدائري ** وله تحن قلادتي وسواري
وله إلى تصفيف شعري منفذ ** وتغلغل لهواه في استشواري
ولحبه بدلت كل معارفي ** ولأجله غيرت لون شعاري
وأظل طول الليل أحضن صورة ** قبعت له في مخدعي بجواري
أفبعد هذا تسألين عزيزتي ** وأنا قطعت عليك درب حواري
واخترته إذ قال لي بصراحة ** هذا قرارك فكري واختاري
نزارية وأيم الله ، ولكن شخصية المفرج المستقلة وأسلوبه الخاص المميز بها واضح .
وقفة على الأطلال أو صدى الألحان
أيها الحب الذي ولى زمانه ** وتوارى عن فؤادي عنفوانه
قبل ما يمضي من الحب أوانه ** أين مني في هوى الماضي حنانه
أيها الحب الذي قد راح عني ** سلب المقدور هذا الحب مني
كما تمنينا وما يجدي التمني ** ما لها لو حققت في الحب ظني
أيها الحب الذي صار حطاما ** أهرقت في ليله الكف المداما
وانطوى في ظلمته الليل الندامى ** وتلاشى الجو من نفح الخزامى
عادت الألحان في الدنيا عويلا ** تندب العهد الذي كان جميلا
وخليل في الهوى ضم خليلا ** قصر الليل وقد كان طويلا
يا صدى الألحان أين الحب أينا ** كيف ضاع الحب هذا من يدينا
كم على الأطلال نحنا وبكينا ** وانتهى هذا الهوى ثم .. انتهينا
بعد ذلك نستعرض مقاطع من قصائد غزلية أخرى :
عودة الحب
وعدت بعد ابتعاد ** في معبد الحب أجثو
جذبت قلبي بود ** ما حبله اليوم رث
ولست والله أدري ** في الحب ماذا أبث
أذلك العود حلم ** أم ذلك العود بعث
وفيه للجن مس ** أم فيه للسحر نفث
منديلك
منديلكِ الزاهي الصغير ** والعطر يملأ جانبيه
يرتاح عندك بالسرير ** كالطفل يحضن والديه
**
يا ربة الشال الحرير ** منديلك الغالي عليك
أنا ببعدي أغير ** لما يقبل وجنتيك
يا شعرك
يا شعرك الوهاج مثل الذهب ** كشعلة قد ماج فيها اللهب
أنَّى أتت أصناف تصفيفه ** فكل شكل فيه شكل عجب
والعطر أحلى العطر يزكو به ** يشرق فيه الأنف لا عن كثب
دعي عيوني ترتوي من شذى ** ومن شفاه أنضجت من عنب
**
عطرك
عطرك الراقي تهادى ** ليس مسكاً أو زبادا
إنه عطر جديد ** ضم أنواعا جدادا
من شذى باريس أو من ** نفح روما قد تمادى
فغزى للسوق يغري ** برؤى الحب العبادا
بثه فينا نسيم ** هب يجتاز البلادا
حين ذاب العطر شوقاً ** فوق جسم فيه نادى
وانتشى للشرق سحر ** وبسحر الغرب زادا
قال لي فستانها
قال لي فستانها المحظوظ حسبي ** ان حباني دون كل الخلق ربي
فانا بالقرب منها طول عمري ** وهي تحيا طول أيامي بقربي
نعمة محسودة من كل واش ** وهي أحلام نمت في كل قلب
كم ضممت الجسم منها في انتشاء ** وحضنت القد في شوق وحب
وشممت العطر منها دون عطر ** ومسحت العرق الزاكي بهدبي
ويزيد الفخر والإعزاز لما ** تسأل الخياط عني أين ثوبي
وقبل أن ختم بحثي ، أود أن أورد بعض المقاطع من القصائد الغزلية للشاعر ، ولكن بعيداً عن أدوات المرأة ومستحضراتها التجميلية .
يقول مفرج السيد في قصيدة بعنوان " لا ترحلي أو شهنار " :
لا ترحلي ( او شهنار )
لا ترحلي يا طفلتي لا ترحلي ** وغرامنا طفل بعام أول
وانا حضنت الطفل لما جاءني ** وكأنه كنز اتاني من عل
وتلقفت كفاي بين أناملي ** ذاك الغرام بلهفة المستعجل
شهناز هل تتذكرين لقاءنا** في ذات ميعاد أغر محجل
وتكررت منا لقاءات غدت ** من أجمل تمضي بنا للأجمل
ولثمت كفك ذات يوم بالرضا ** وسكرت بين عبير تلك الأنمل
وغدوت لي حلم الحياة وجنة ** آوي إليها وحدنا في معزل
بالشعر مني غردت أطياره ** وتضوعت من نرجس وقرنفل
وحلمت يومًا أن صدرك ضمني ** وشفاهك العذراء كانت منهلي
ومن قصيدة بعنوان " أنت أرحم " يقول الشاعر :
أنت أرحم
في زرقة البحر من عينيك قد رحلت ** مراكب سيرها بالشوق مرهون
وشعرك التبر مجدولاً ومنسدلاً ** وما لذا التبر بتنقيب وتعدين
وصدرك المائج الريان تسكنه ** تلك التي لم تصورها المضامين
وجسمك المائس الريان صور لي ** بخطره كيف تنساب الثعابين
ومن قصيدة بعنوان " تراتيل " يقول :
تراتيل
أنت كالفجر كالصباح المنور ** كالشذى كالزهور نفح معطر
كالصبا كالفتون كالحلم يزهو ** في عيون كأنها عين جؤذر
كالمنى كاللقاء كالسحر يأتي ** من أفانين بابل فيك يسحر
كالرؤى كالخيال كالشعر يشدو ** في فم الملهمين من أرض عبقر
أنت كون من التماثيل بدع ** تحمل الحسن والبهاء المصور
وحقول من الرياحين فيها ** يعبق النفح والأزاهير تنثر
وقد تكون هذه القصيدة من ملامح الشاعر التونسي الراحل أبي القاسم الشابي ولكن سمات الشاعر ظاهرة فيها كالشمس في رابعة النهار .
وبعد فإن بودي أن أسترسل في العرض لأبرز كثيراً من قلائد الشاعر في الغزل وخلافه إذ أن هناك كمًّا كبيراً من شعر الشاعر في أغراض شتى يستحق أن يعرض ويقرأ ويدرس ولكن يكفي من العقد ما أحاط بالعنق وأرجو أن أوفق في عرض ذلك في مناسبة أخرى .

الموضوع منقول ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق