الثلاثاء، 10 أبريل 2018

المدارس اللغوية.


المدرسة البنيوية


تأسيسها : ظهرت البنيوية اللسانية في منتصف العقد الثاني من القرن العشرين مع رائدها (فرديناند دي سوسير)، من خلال كتابه "محاضرات في اللسانيات العامة"، الذي نُشر في باريس سنة 1916م، وقد أحدثت هذه اللسانيات ابستمولوجية "معرفية" مع فقه اللغة و الفيلولوجيا الدياكرونية .
النشأة :
إنّ المدرسة البنيوية هي أول مدرسة لسانية حديثة، وهي منطلق المدارس اللسانية الحديثة جلها؛ فالمدرسة البنيوية أول مدرسة قامت على أفكار دي سوسير التي تعد منطلق المدارس اللسانية الحديثة وأصبح المنهج البنيوي أقرب المناهج إلى الأدب؛ لأنه يجمع بين الإبداع وخاصيته الأولى وهي اللغة في بوتقةٍ ثقافيةٍ واحدة،
أي يقيس الأدب بآليات اللسانيات بقصدِ تحديدِ بُنيات الأثر الأدبي وإبراز قواعده وأبنيته الشكلية والخطابية
فظهرت البنيوية في بداية الأمر في علم اللغة، وبرزت عند فرديناند دي سوسير الذي يعد الرائد الأول للبنيوية اللغوية عندما طبق المنهج البنيوي في دراسته للغة، واكتشاف مفهوم البنية في علم اللغة مما دفع بارت وتودوروف وغيرهما إلى الكشف عن عناصر النظام في الأدب
أما عن نظرية دي سوسير في علم اللغة، فهو يرى أنَّ موضوع علم اللغة الصحيح والوحيد هو اللغة في ذاتِها ومن أجلِ ذاتها، وقد فرّق بين اللغةِ والأقوالِ المنطوقةِ والمكتوبةِ، فاللغة أصواتٌ دالةٌ متعارف عليها في مجتمع معين إذن ففي دراسة اللغة لا بد من عزلها واعتبارها مجموعة من الحقائق؛
لأن اللغة بالتحليل السابق هي نظام إشاري (سيميولوجي)، أي إن علم اللغة يهتم باللغة المعينة ولا يلتفت إلى لغة الفرد؛ لأنها تصدر عن وعي ولأنها تتصف بالاختيار الحر
ومن هنا انطلقت البنيوية من حقلِ علم اللغة إلى حقل علم الأدب، فسوسير في نظريتهِ كان يفرقُ بين اللغةِ والأقوال أو بين اللغة كنظام واللغة كاستعمال كلامًا أو كتابةً،
فإن البنيويين يفرقون كذلك في علم الأدب بين الأدب والأعمال الأدبية والمنهج البنيوي يقوم على مفهومين اثنين -  هما أساس المنهج الوصفي  - : الوصف والتصنيف .
افكارها :
اولاً : النظرة "البنيوية" إلى اللغة، من حيث عرفها بأنها: نظام من العلامات .
 . ثانياً: "السنكرونية" أو (الوصفية) في مقابل "الديكرونية" أو (التاريخية)
 .  ثالثاً : ثنائيته المشهورة "اللغة والكلام" وتفريقه الحاد بينهما

مبادئ المدرسة :
أولاً : العلاقة بين اللغة والكلام .
ثانيًا : تحليل الرموز اللغوية.
ثالثًا : دراسة التركيب العام للنظام اللغوي .
رابعًا : التفرقة بين مناهج الدراسة الوصفية ومناهجها التاريخية .




المدرسة الوظيفية او مدرسة براغ
تأسيسها :
 تعود الجذور الاولى لتأسيس مدرسة براغ الوظيفية الى العالم اللساني التشيكي ماثيسيوس الذي كانت من دعواته الاولى دراسة اللغة بطريقة جديدة تختلف عن الدراسة التاريخية ومعنى ذلك انه من المؤسسين لعلم اللغة الوصفي او اللسانيات .  
تأسست "حلقة براغ اللغوية"  في السادس من أكتوبر عام (1926م)، ويرجع فضل تأسيسها إلي ((فيليم ماثيوس))  رئيس حلقة بحث اللغة الإنجليزية بجامعة تشارلز وقد شاركه في تأسيسها أربعة هم ((ر.ياكوبسون))  و((ب.هافرنيك))  و((ب.ترنكا)) و((ي.روبكا)) ،
وذلك علي إثر اجتماع هؤلاء الخمسة لمناقشة محاضرة ألقاها اللساني الألماني الشاب ((هـ.بيكر)) فتخلقت الفكرة، وأصبغ ((ماثيسيوس)) علي المجموعة الطابع التنظيمي .
النشأة :
نشأت هذه المدرسة في أعمال العلماء التشيك الذين نشروا أعمالهم ضمن ما أسموه حلقة براغ ومن أبرز أعلامها رومان ياكبسون ، ونيكولاي تروبتسكوي
 ومنذ 1930 ازداد توسع المدرسة بعد أن هاجر ياكبسون إلى الولايات المتحدة وعمل في جامعة هارفارد، واستقطب كثيرا من العلماء والباحثين الذين وقفوا مقابل المدرسة التوزيعية في أمريكا
وانظم اليها بعض اللسانيين الفرنسين : أندريه مارتينيه ، واميل بنفست. وأدت المدرسة دورا بارزا في تطور اللسانيات البنيوية .
افكارها :
اعتمد أقطاب المدرسة على تصورات سوسير وأفكاره، من حيث رأى أن اللغة ذات وظيفة اجتماعية، وهي نظام من العلامات أو الوحدات اللغوية :
-اعتبار اللغة كنظام وظيفي،وذلك لأن اللغة الناتجة عن العمل اللساني إنما هي نظام لوسائل التعبير،حيث الهدف و تحقيق مقاصد كل متكلم في التعبير و التواصل.
التأكيد على أن أحسن طريقة لمعرفة جوهر اللغة هو التحليل السانكروني لضمان الفعلية
على اللساني الاهتمام بالدراسة الفونيتيكة، و الدراسة الفونولوجية للنظام اللغوي
يعتبر "تروبتسكوي" المشرع الحقيقي لأفكار مدرسة براغ، كما ساعده وطور مفاهيمه "ياكبسون"،إذ انصب اهتمامهما حول النظريات الفونولوجية. وعموما فمدرسة براغ مرتبطة بسوسير و مبادئه الأساسية
إذ تنطلق المدرسة من تقسيم سوسير للغة و الكلام، كما يردد تروبتسكوي فكرةَ سوسير حول اعتبار اللغة نظاما يوجد في وعي أعضاء الجماعة .

المدرسة التوزيعية
تأسيسها :
 اتجاه لساني ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية في حوالي سنة 1930، وهو مرتبط بتفكير سوسير تسمى هذه المدرسة أيضا بالمدرسة السلوكية , و صاحب هذه النظرية التوزيعية هو هاريس (زيلغ سابيتي هاريس ) .
النشأة :
التوزيعية هي النظرية التي تقابل عند كثير من الدارسين بالبنيوية الأمريكية، التي يعتبر سابير من أوائل روادها، وقد نشر كتابه عن (اللغة) عام 1921 يتحدث فيه عن البنوية اللغوية وبالعنوان نفسه نشر بلومفيلد كتابه عن (اللغة) عام 1933، وعرض فيه للجانب الآخر من النظرية البنيوية المتماسكة، ويعتبر كل من (سابير) و(بلومفيلد) زعيمي المدرسة الأمريكية .
*من أشهر مؤلفات هاريس في علم اللغة ذلك الذي يعد المؤلف الرئيس في علم اللغة التوزيعي، والذي شرح فيه آراءه حول هذا المنهج، وهو كتاب (مناهج في اللسانيات البنوية)، وبه ظهر هاريس صاحب مدرسة جديدة
إن النظرية التوزيعية قائمة بشكل أساسي على مبادئ سوسير . و
وإن التوزيعية ترى أن عملية التوزيع السليم الذي تأخذ فيه الكلمة قيمتها وبالتالي علاقات منطقية ولغوية مع بعضها البعض هي التي تصل بنا في النهاية إلى المعنى السليم، ومن هنا جاء اسم النظرية التوزيعية
ومن أهم أعلامها المؤسسين ليونارد بلومفيلد الذي الف كتابه ( اللغة ) سنة 1914 كان كتابه متشبع بمبادئ السلوكيه فقد ذكر ان اللسانيه شعبه من شعب علم السلوكي لعل هذه القضيه من اهم النقاط التي تقوم عليها نظرية بلومفيلد السلوكية , حاول تفسير الحدث الكلامي من منظور سلوكي واطلق على هذا المنهج اسم المادي او الآلي وهذا المنهج يفسر السلوك البشري من حيث المثير والاستجابة
ويستند المنهج التوزيعي على اختلاف مدارسه إلى اعتبار اللغة مجموعة من الوحدات التمييزية التي تظهرها عملية التقطيع أو التقسيم، و يعتمد هذا المنهج طريقة شكلية في الوصول إلى المكونات المباشرة .
مبادئ المدرسة التوزيعية :
أولاً : اللغة (مادة) قابلة للمُلاحظة المُباشرة.
ثانيًا : دراسة المعنى قد تعوق الوصول إلى القوانين العامة التي تحكم السُّلوك اللغوي .

المدرسة الاجتماعية او المدرسة السياقية
تأسيسها :
ترتبط النظرية السياقية  باللساني البريطاني جون روبرت فيرث .
النشأة :  
عرفت مدرسة لندن بما سمي بالمنهج السياقي , وكان زعيم هذا الاتجاه (فيرث) الذي وضع تأكيدا كبيرا على الوظيفة الاجتماعية للغة فتعدّ " نظرية السياق " هي الحجر الأساس في " المدرسة اللغوية الاجتماعية " التي أسسها (فيرث) في بريطانيا
 والتي وسّع فيها نظريته اللغوية بمعالجة جميع الظروف اللغوية لتحديد المعنى ، ومن ثم حاول اثبات صدق المقولة بأن " المعنى وظيفة السياق " , وقد تأثر فيرث بنظرية النظم لعبد القاهر الجرجاني .
فلقد قدّم فيرث السياق على أنه إطار منهجي يمكن تطبيقه على الأحداث اللغويّة ، ولعلّ الذي قاد فيرث إلى تبني فكرة السياق ، أنّه كان ينظر إلى  أنّ دراسة اللغة بشكل عام ، وكذلك دراسة عناصرها من كلمات ، وأصوات ، وجمل ، هي دراسة دلالية لمعاني هذه العناصر ، حتّى أنّه ذهب إلى اعتبار مهمة البحث اللغوي منحصرة في تقصي هذه المعاني دون سواها  
لقد فهم فيرث المعنى على أنّه " علاقة بين العناصر اللغويّة والسياق الاجتماعي بحيث تتحدّد معاني تلك العناصر ، وفقا لاستعمالها في المواقف الاجتماعية المختلفة " فان فيرث نظر الى المعنى على أنه وظيفة في السياق
فيوجد هناك تقارب في فكرة السياق المعنى واللفظ بين دي سوسير وفيرث , وايضاً يتقارب مفهوم السياق و النظم
اذا فنجد ان نظرية السياق ليست نابعة من المستشرقين بل اخذوها من العرب ونسبوها لأنفسهم .
أنماط مدرسة السياق :
السياق اللغوي
السياق العاطفي
سياق الموقف
السياق الحضاري

أسس ومنطلقات النظرية السياقية :
الأول : رفض ثنائيات دي سوسير التي تجعل مجال علم اللغة النظام (في وجوده الذهني) .
الثاني : التركيز على المكون الاجتماعي للغة بدل الجانب التجريدي الذهني.
ثالثا : دراسة اللغة وفق بيان العلاقة بين اللغة والمجتمع.






المدرسة التحويلية والتوليدية

تأسيسها :
 هو نظرية لسانية وضعها تشومسكي، ومعه علماء اللِّسانيات فـي المعهد التكنولوجي بماساشوسيت (الولايات المتحدة) فيما بين 1960م و1965م بانتقاد النَّموذج التَّوزيعـي والنَّموذج البنيوي .

النشأة :

وقد نشأتْ على أنقاض مدرسة "بُلُومْفِيلْد"؛ وذلك عندما ما تجرأَ "تشومسكي" على نقدها نقدًا لاذعًا، فأصبح بذلك الزعيم الأول للمدرسة اللغوية الأمريكية
وهذا المنهج قام على أساس"أن أبسط النماذج النحوية هي القواعد القادرة على توليد عدد غير محدود من الجمل بواسطة عدد محدود من القواعد المتكررة التي تعمل من خلال عدد محدود من المفردات "
ودرس هذا الرأي بالتفصيل في كتابه المشهور (البُنَى النحوية), وهو في ذلك متأثر بأستاذه زيلغ هاريس في نظريته التحويلية التي أنشأها عام 1952
إن نظرية تشومسكي قد أعادت صياغة كثير من افكار، ومبادئ اللسانيات البنيوية على وفق فلسفة جديدة. فرغم أصالتها وجديتها إلا أنها تتصل بأسباب غير مباشرة باللسانيات البنيوية، يدل على ذلك ان تشومسكي عندما حاول وضع قواعد جديدة لم يبتعد كثيراً عن مفاهيم البنيوية.
**ثار تشومسكي على السلوكية لبلومفيلد وأتباعه، وتبنى استيراتيجية جديدة مضادة تماما لهم، تمثلت في تبنيه مذهبا ذهنيا في دراسة اللغة، "النظرية اللغوية بالمعنى التقني ذهنية ، فهي معنية باكتشاف الحقيقة الذهنية المبطنة للسلوك الفعلي .


أهم أسس النظرية التحويلية :
أولاً: التفريق بين الكفاية والأداء: فالكفاية: قدرة ابن اللغة على فهم تراكيب لغته وقواعدها وقدرته من الناحية النظرية، على أن يُركِّب ويفهم عددًا غير محدودٍ من الجُمل، ويُدرك الصَّواب منها أو الخطأ، وأمَّا الأداء: فهو الأداء اللُّغوي الفعلي لفظًا أو كتابة .
ثانيًا: التَّمييز بين البنية العميقة والبنية السَّطحيَّة. نجد صدى لذلك عند سيبويه .
ثالثًا: اعتبار الجملة الوحدة اللُّغوية الأساسية.
رابعًا: القواعد التحويلية ينجم عند اتِّباعها جمل أصولية لا غير، كما تُحدد كل الجمل المُحتملَة في اللغة , والجمل الأصولية كانت شغل سيبويه الشاغل في كتابه.
خامسًا: الإدراك اللغوي والقدرة اللغوية: وهي صفات إنسانية تكمن في النَّوع البشري وليست مُكتسبة، وهذا يتَّفق فيه سيبويه وغيره من النحاة العرب مع تشومسكي.   

الأحد، 8 أبريل 2018

المجاز العقلي


مفهومة :
المجاز العقلي هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلي غير ما هو له لعلاقة بينهما مع وجود قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي. يكون الإسناد المجازى إلي سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره أو يكون بإسناد المبني للفاعل إلى المفعول أو المبني للمفعول إلى الفاعل.

عقلي، وهو يجري في الإسناد، بمعنى أن يكون الإسناد إلى غير من هو له، نحو: (شفى الطبيب المريض) فإن الشفاء من الله تعالى، فإسناده إلى الطبيب مجاز، ويتمّ ذلك بوجود علاقة مع قرينة مانعة من جريان الإسناد إلى من هو له.
أقسام المجاز العقلي
المجاز العقلي على قسمين، وقدمناه لقلّة مباحثه:
الأول: المجاز في الإسناد، وهو إسناد الفعل أو ما في معنى الفعل إلى غير من هو له، وهو على أقسام، أشهرها:
1
ـ الإسناد إلى الزمان، كقوله: (من سرّه زمن سائته أزمان) فإن إسناد المسرّة والاساءة إلى الزمان مجاز، إذ المسيء هو بعض الطواريء العارضة فيه، لا الزمان نفسه.
2
ـ الإسناد إلى المكان، نحو قوله تعالى: (وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم)(1) فإنّ إسناد الجري إلى الأنهار مجاز، باعتبار مائها.
3
ـ الإسناد إلى السبب، كقوله: (بنى الأمير المدينة) فإنّ الأمير سبب بناء المدينة لا إنّه بناها بنفسه.
4
ـ الإسناد إلى المصدر، كقوله: (سيذكرني قومي إذا جَدَّ جِدّهم) فإنّ الفعل (جَدَّ) أُسند إلى المصدر: (جِدّهم(مجازاً، لأنّ الفاعل الأصلي هو الجادّ.
الثاني: المجاز في النسبة غير الإسنادية، وأشهرها النسبة الإضافيّة نحو:
1
ـ (جَرْيُ الأنهار) فإنّ نسبة الجري إلى النهر مجاز باعتبار الإضافة إلى المكان.
2
ـ (صومُ النهار) فإنّ نسبة الصوم إلى النهار مجاز باعتبار الإضافة إلى الزمان.
3
ـ (غُرابُ البَين) فإنّه مجاز باعتبار الإضافة إلى السبب.
4
ـ (اجتهاد الجِدّ) مجاز باعتبار الإضافة إلى المصدر.
امثلة :
1.    الإسناد إلى سبب الفعل: كأن نقول: بلّط الحاكم شوارع المدينة. فإن الحاكم لم يبلط الشوارع بنفسه ولكنّه سبّب التبليط.
2.    الإسناد إلى الزمان: كأن نقول: دارت بي الأيام، فالأيام لا تدور بل أنت تدور في تلك الأيام فنسبة الدوران إلى الأيام مجاز.
3.    الإسناد إلى المكان: كأن نقول: ازدحمت الشوارع، فإن الشوارع لا تزدحم بل الناس هي التي تزدحم فيها فنسبة الازدحام إلى الشوارع مجاز.
4.    الإسناد إلى المصدر: كأن نقول: فلان جنّ جنونه، فإن الذي جنّ هو فلان ولكن نسبته إلى المصدر مجاز.
5.    الإسناد في النسبة غير الإسنادية: كقولنا: تجري الأنهار إلى البحر. فإن النهر لا يجري بل الماء الذي فيه هو الذي يجري
بلاغة المجاز العقلي تظهر في :
1-   تادية المعنى المقصود بأيجاز
2-   تحضير العلاقة بين المعنين الاصلي والمجازي
3-   عدم خلو المجاز من مبالغة بديعية ذات اثر جعل المجاز رائعاً خلاباً

*سمي مجازا عقليا وقد يطلق عليه "مجاز حكمي" لأن كلا من ركني الإسناد قد يكون مستعملا في معناه اللغوي بحسب وضعه، إنما حصل التجوز في الإسناد وفي النسبة فقط، وقد يكون مستعملا في معنى مجازي على طريقة المجاز اللغوي، وأضيف إلى ذلك مجاز عقلي حاصل في الإسناد، أي: في نسبة المسند إلى المسند إليه، سواء أكانت الجملة فعلية أو اسمية.
ما في معنى الفعل: المصدر والمشتقات التي تعمل عمل الفعل في الأسماء الظاهرة أو في ضمائرها، وهي اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، واسم المصدر.


تقسيم المجاز العقلي باعتبار طرفيه المسند والمسند إليه
قسم البيانيون المجاز العقلي بالنظر إلى كون كل من طرفيه: "المسند والمسند إليه" حقيقة لغوية أو مجازا لغويا، إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: أن يكون الطرفان حقيقتين، مثل: "سال الوادي".
فالمسند وهو فعل "سال" مستعمل فيما وضع له لغة وهو السيلان، ولا مجاز فيه.
والمسند إليه وهو "الوادي" مستعمل أيضا فيما وضع له لغة ولا مجاز فيه.
لكن المجاز وقع في الإسناد وهو نسبة السيلان إلى الوادي، وهذا من المجاز العقلي.
* ومثل قول الله عز وجل في سورة (الأنفال/ 8 مصحف/ 88 نزول):
{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون}.
زادتهم إيمانا: فعل الزيادة حقيقة، والأيات حقيقة، وإسناد الزيادة إلى الآيات مجاز عقلي، ملابسته السببية.
* ومثل قول الله عز وجل في سورة (الزلزلة/ 99 مصحف/ 93 نزول):
{إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها}.
أخرجت الأرض: كل من المسند والمسند إليه حقيقة، والإسناد مجاز عقلي، لأن الأرض ليست هي التي تخرج أثقالها حقيقة.
القسم الثاني: أن يكون الطرفان مجازيين، مثل:
* "أحيا الأرض شباب الزمان".
فعل "أحيا" مجاز يراد به الإنبات، و "شباب الزمان" مجاز يراد به الفصل الذي تنبت فيه الزروع، إذ هو يشبه الشباب في الإنسان، وكلاهما استعارة.
وإسناد الإحياء إلى شباب الزمان مجاز عقلي، لأن المنبت في الحقيقة هو الله.
* قول الله عز وجل في سورة (البقرة):
{فما ربحت تجارتهم}.
نفي الربح: مجاز عن عدم تحصيلهم نفعا من أخذ الضلالة وترك الهدى.
تجارتهم: مجاز عن عملية أخذ الضلالة وترك الهدى.
وإسناد نفي الربح عن تجارتهم مجاز عقلي، إذ المنافقون هم الذين لم يربحوا، وقد سبق شرح هذا النص.
* "أنطقت أيادي الإحسان ورود وجوه الحسان بالشكران" فالطرفان مجازان، والإسناد مجاز عقلي.
القسم الثالث: أن يكون المسند حقيقة والمسند إليه مجازا، مثل: "أنبت البقل شباب الزمان".
الإنبات: حقيقة. وشباب الزمان مجاز، والإسناد مجاز عقلي، والملابسة السببية.
القسم الرابع: أن يكون المسند مجازا والمسند إليه حقيقة، مثل:
* قول المتنبي:
* وتحيي له المال الصوارم والقنا * ويقتل ما تحيي التبسم والجدا*
الإحياء مجاز عن الإنماء والتكثير، والصوارم والقنا حقيقة، وإسناد الإحياء إلى الصوارم والقنا مجاز عقلي، والملابسة السببية.
* قول الله عز وجل في سورة (محمد/ 47 مصحف/ 95 نزول):
{...حتى تضع الحرب أوزارها...} [الآية:4].
وضع الأوزار: مجاز عن انتهاء أعمال الحرب.
الحرب: حقيقة.
وإسناد وضع الأوزار إلى الحرب مجاز عقلي.
قرينة المجاز العقلي:
تأتي قرينة المجاز العقلي على وجهين:
الوجه الأول: أن تكون لفظية، مثل: بنى صالح بيته مستأجرا أمهر البنائين، أي: لم يبنه بيده، إنما اتخذ الوسائل لبنائه.
الوجه الثاني: أن تكون غير لفظية، وهذه القرينة:
* وإما أن تكون آتية من دليل العقل، مثل: جاءت بي إليك، فالمحبة ليست هي الفاعلة على وجه الحقيقة، لكنها كانت الباعث النفسي، وهذا يدرك بالعقل.
* وإما أن تكون آتية من دليل العادة، مثل: طبخ صاحب الوليمة لضيوفه طعاما شهيا لذيذا، أي: أمر بطبخ الطعام هذا، واتخذ الوسائل لإعداده، وهذا يدرك بحسب العادة.
* وإما أن تكون آتية من دليل الحال، مثل: كتب عبد السميع رسالة مؤثرة لولده المسافر، أي: أمر بأن تكتب له، إذا كان هذا الرجل أميا لا يقرأ ولا يكتب، وكانت حاله معروفة.
قيمة المجاز العقلي في البلاغة والأدب:
كل من يقرأ أو يسمع كلاما بليغا مؤثرا إذا رجع إلى تحليل عناصر التأثير فيه، القائمة على الإبداع الرفيع يلاحظ أن من أكثر هذه العناصر تأثيرا في نفسه، ما اشتمل الكلام عليه من مجاز بديع، وتكثر فيه الفقرات التي تنتمي إلى قسم المجاز العقلي.
ولا يحسن الإبداع المؤثر من هذا المجاز إلا أذكياء البلغاء.
قال "الشيخ عبد القاهر الجرجاني" متحدثا عن هذا النوع: "المجاز العقلي":
"هذا الضرب من المجاز على حدته كنز من كنوز البلاغة، ومادة الشاعر المفلق، والكاتب البليغ، في الإبداع، والإحسان، والاتساع في طرق البيان.
ولا يغرنك من أمره أنك ترى الرجل يقول: أتى بي الشوق إلى لقائك، وسار بي الحنين إلى رؤيتك، وأقدمني بلدك حق لي على إنسان، وأشباه ذلك، مما تجده لشهرته يجري مجرى الحقيقة، فليس هو كذلك، بل يدق ويلطف، حتى يأتيك بالبدعة التي لم تعرفها، والنادرة تأنق لها".











الاساليب

وقد تفنن علماء البلاغة، بإبراز علاقات هذا المجاز باعتباراته الخطابية والأسلوبية، وهذهالعلاقات ما هي إلا وجوه يقع عليها هذا المجاز، ويدور في فلكها، نكتفي بإيراد أشهرها ذيوعاً، وأكثرها استعمالاً في القرآن الكريم، كأنموذج أعلى تقتفي خطاه الاستعمالاتالأخرى في اللغة العربية، فما يرد في كلام البلغاء من العرب يقاس عليه، وما يستنبط منه يرجع إليه: وفيما يأتي نستعرض ملخصاً إجمالياً، وقد يكون إحصائياً في الوقت نفسه،بوجوه المجاز العقلي، مطبقة على نماذج من كتاب الله.
1 _ السببية، هي أكثر الوجوه استعمالاً في القرآن الكريم، وأشهر العلاقات ارتباطاً فيه، وأمثلته متوافرة في حدودكثيرة لا تحصى، ومعالمه منتشرة لا تستقصي، إذ كثيراً ما يطلق هذا المجاز في القرآن مسنداً إلى السبب، وإن بدا العامل فيه الفاعل، ولكن التحقيق يبدي خلاف ذلك مما يوحيبطبيعة إرادة المجاز:
أ _ قال تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتهُم إِيمَاناً} فقد نسبت زيادة الإيمان في الآية إلى آيات الله تعالى ولما كانالأصل في الإيمان وزيادته هو التوفيق الإلهي الصادر عن الله تعالى، علم أن زيادة الإيمان هنا بالنسبة للآيات مجاز عقلي بوصفها سبباً فيه.
ب _ قال تعالى: {يَهَمَنُابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَليَ أَبْلُغُ الأَسْبَبَ}.
فخطاب فرعون لهامان فيما اقتصه القرآ الكريم، لا يوحي بأنه متولي هذا البناء بنفسه، ولكنه المأمور به، إذ لم يباشرالبناء، وإنما بناه عماله وفعلته، ولما كان هامان سبباً في بناء هذا الصرح، أسند إليه الفعل مجازاً، وعلم أن وجه ذلك السببية.
2 _ الزمانية، وذلك فيما بني فيه الكلامللفاعل وأسند للزمان، ولا أثر للزمان في ذلك، وغنما اعتبر الزمان باعتبار الإسناد إليه، والعامل والمؤثر غيره، وأبرز مصاديقه من القرآن الكريم قوله تعالى: {وَالضُّحَىوَالَّيلِ إذَا سَجَى}.
فسجى بمعنى سكن، والليل وإن وصف بالسكون فسكونه مجازي لأنه غير قابل للحركات المباشرة التي قد توصف بالهدوء حيناً وبالفعالية حيناً آخر،وغنما المراد به سكون الناس فيه عن الحركات، وخلودهم فيه إلى السبات، واستسلامهم إلى الراحة.
3 _ المكانية، وذلك فيما بني فيه الكلام للفاعل وأسند للمكان، ولا أثرللمكان في ذلك، وإنما اعتبر المكان باعتبار الإسناد إليه، والعامل الحقيقي غيره، فلما أسند للمكان كان مجازاً عقلياً بسببه، وأبرز مصاديقه من القرآن الكريم، التعبير عنجريان الأنهار في عدة آيات كريمة، منها قوله تعالى:
{مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحتَها الأَنَهرُ...} والأنهار وعاء للماء ومستقر له،وهي ثابتة غير متنقلة، وهي مكان الجري، وما يجري فيها هو الماء، إلا أن مكانه الأنهار، فعبر عن جريان ذلك الماء بجري الأنهار بوصفها مكاناً له.
4 _ الفاعلية: فيما بنيفيه الكلام للمفعول وأسند للفاعل الحقيقي: وقد ينظر لهذا بقوله تعالى:
{وَإِذَا قَرَأتَ القُرءَانَ جَعَلنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِينَ لاَ يُؤمِنُونَبِالأَخِرَةِ حِجَاباً مَّستُوراً}.
فمستور هنا بمعنى ساتر على قول يعتد به، ولم ينقل هذا اللفظ عن وضعه الأصلي في اللغة ليعد مجازاً لغوياً، وإنما المراد به عينلفظه، وإنما كانت صيغته دالة على الفاعل وغن وردت بصيغة المفعول.
6 _ المصدرية، وهو فيما بني فيه الكلام للفاعل، وأسند إلى المصدر، مع قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي،ومثاله قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفخَةٌ وَاحِدَةٌ} فقد أسند الفعل إلى مصدره 'نفحة' ولم يسند إلى نائب فاعله الحقيقي، وذلك لعلاقة المصدرية التي نقلتالكلام إلى مجازه العقلي.
وليس ملزماً لأحد ما ذهب إليه بعضهم من أن هذا المجاز من مباحث علم الكلام وأولى به أن يضم إليها، لأنه كما اتضح من تفصيلات عبد القاهر،وإشارات القزويني، يعد كنزاً من كنوز البلاغة، وذخراً يعمد إليه الكاتب البليغ والشاعر المفلق والخطيب المصقع، وليس أدل على ذلك من أن القدماء استعملوه في كلامهم، وأنالقرآن الكريم حفل بألوان شتى منه، وأن البلاغيين والنقاد أشاروا إليه وذكروا أمثلته، وإن لم يطلق عليه الاسم إلا مؤخراً على يد عبد القاهر. وهذا كله يدل على أن المجازالعقلي لون من ألوان التعبير، وأسلوب من أساليب التفنن في القول، ولا يخرجه من البلاغة إفساد المتأخرين له، وإدخال مباحث المتكلمين فيه عند تعرضهم للفاعل الحقيقي.

الاغراض البلاغية
1-                       علم البديع
2-                       علم البيان
3-                       علم المعاني



السياسة اللغوية، التخطيط اللغوي.


السياسة اللغوية

لمعرفة مفهوم السياسة اللغوية لابد من الالتفات الى الجانب اللغوي لمصطلحي "السياسة" و "اللغة " ثم اعتماد ذلك المدخل اللغوي منطلقاً للتعريف الاصطلاحي .
1.    التعريف اللغوي لمادتي السياسة واللغة :
أ‌-      السياسة : في المعاجم العربية مصدر ساس يسوس سياسة ومادته في لسان العرب سوس والسياسة فعل السائس يقال هو يسوس الدواب إذا قام عليها وراضها والسياسة القيام على الشئ بمايصلحه والوالي يسوس رعيته وسوس له امراً أي روضة وذللـــه
ب‌- اللغة : جاء في لسان العرب " لغي يلغي إذا هذي " وفي الحديث من قال في الجمعه صه فقد لغا "أي تكلم "
مصطلح السياسة : عند ابن سينا هي حسن التدبير الذاتي والجماعي و اصلاح الفساد الذي هوا طريق السعادة فهي إذا ليست حكرا على الملوك وإن كانوا أحق الناس بإتقانها بل لكل فرد من الرعية سياسة في جميع اموره وحاجته الى السياسة لاتقل عن حاجة الملوك للسياسة والسياسة عند ابن باديس هي تدبير شؤون المجتمع على قانون العدل والإحسان ويعرفها المعجم الفلسفي بـ فرع من العلم المدني يبحث في اصول الحكم وتنظيم شؤون الدولة .
أما السياسة عند الغربيين فتعريفاتها كثيرة اورد كثيرا منها عبد الوهاب الكيالي موسوعته السياسة ولعل اختلاف تعريفاتها راجع لاختلاف الاتجاهات والرؤى .
مصطلح اللغة : تعريفاتها لا حصر لها عند العرب والغربيين ولكن الذي أكدته الدراسات ان كل التعريفات اللسانية الحديثة قد جمعها ابنجني وهي لا تختلف جوهرا عنه ففي خصائصه قال " أما حدها فأصوات يعبر بها كل قوم عن اغراضهم ".
تعريف السياسة اللغوية : إن مصطلح السياسة اللغوية مركب وصفي بسيط ترجم الى العربية عن مركب أجنبي بسيط فهو يقابل في الفرنسية politique Linguistique وفي الانجليزية Language policy  يعرفها لويس جان كالفي بقوله " نحن نعتبر السياسة اللغوية هي مجمل الخيارات الواعية المتخذه في مجال العلاقات بين اللغة والحياة الاجتماعية وبالتحديد بين اللغة والحياة في الوطن .
مفهوم التخطيط اللغوي
كي ندرك أبعاد مفهوم التخطيط لابد أن نبين حقيقة اللغة فم الحقائق الاساسية المرتبطة باللغة أنها دائما في تغير مستمر و أن لدى المتحدثين دائما أبدالا متاحة أمامهم فهم في حالة اختيار دائم بين الضروب اللغوية المختلفة أو بين الابدال الموجودة ضمن نظام لغوي ما مما يجعل عملية التخطيط امرا ممكنا فاللغة تمتلك نظاما متماسكاً يتيح لأهلها التصرف بثروتها اللفظية وفقا لحاجات المجتمع المستجدة سواء بالزيادة او النقصان دون ان يمسس ذلك جوهر بنائها ونظامها وهنا تكن أهمية التخطيط بالاختيار بين الابدال اللغوية الممكنة أو العمل على تطوير اللغة بإيجاد ألفاظ ومصطلحات تحتاج إليها اللغة كي تواكب التطورات الحضارية والعلمية العالمية .
بدأ مفهوم التخطيط اللغوي أول الأمر بما يسمى بتحديد اللغة بمعنى اختيار لغة من بين مجموعة من اللغات في الدول المتعددة لغوياً كالهند وغيرها ثم تطور  هذا المفهوم الى ما يسمى بــ " تطوير اللغة " وخاصة إذا كانت اللغة القومية هي لغة أغلبية المجتمع واستعبدت في واحد من مجالين مهمين في حياة المجتمع وهما : تسير أمور الدولة والتعليم وهما مشكلتان تتطلبان تخطيطاً لغوياً للتغلب عليهما والعربية تواجه مشكلة في التعليم في الكليات العلمية في أغلب الجامعات العربية .