الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد (2)


الفصل الثاني : توابع الكتاب
صاحبا الجاحظ وعبد الحميد
فقال لي زهير: من تريد بعده؟ فقلت: مل بي إلى الخطباء، فقد قضيت وطرا من الشعراء. فركضنا حينا طاعنين في مطلع الشمس، ولقينا فارسا أسر إلى زهير، وانجزع عنا، فقال لي زهير: جمعت لك خطباء الجن بمرج دهمان، وبيننا وبينهم فرسخان، فقد كفيت العناء إليهم على انفرادهم. قلت: لم ذاك؟ قال: للفرق بين كلامين اختلف فيه فتيان الجن .
وانتهينا إلى المرج فإذا بناد عظيم، قد جمع كل زعيم، فصاح زهير: السلام على فرسان الكلام. فردوا وأشاروا بالنزول. فأفرجوا حتى صرنا مركز هالة مجلسهم، والكل منهم ناظر إلى شيخ أصلع، جاحظ العين اليمنى، على رأسه قلنسوة بيضاء طويلة. فقلت سرا لزهير: من ذلك؟ قال: عتبة بن أرقم صاحب الجاحظ، وكنيته أبو عيينة. قلت: بأبي هو! ليس رغبتي سواه، وغير صاحب عبد الحميد. فقال لي: إنه ذلك الشيخ الذي إلى جنبه. وعرفه صغوي إليه وقولي فيه. فاستدناني وأخذ في الكلام معي، فصمت أهل المجلس، فقال: إنك لخطيب، وحائك للكلام مجيد، لولا أنك مغزى بالسجع، فكلامك نظم لا نثر.
فقال الشيخ الذي إلى جانبه، وقد علمت أنه صاحب عبد الحميد، ونفسي مرتقبة إلى ما يكون منه: لا يغرنك منه، أبا عيينة، ما تكلف لك من المماثلة، إن السجع لطبعه، وإن ما أسمعك كلفة. ولو امتد به طلق الكلام، وجرت أفراسه في ميدان البيان، لصلى كودنه وكل برثنه. وما أراه إلا من اللكن الذين ذكر، وإلا فما للفصاحة لا تهدر، ولا للأعرابية لا تومض؟ فقلت في نفسي: طبع عبد الحميد ومساقه، ورب الكعبة! فقلت له: لقد عجلت، أبا هبيرة، - وقد كان زهير عرفني بكنيته - إن قوسك لنبع، وإن سهمك لسم، أحمارا رميت أن إنسانا، وقعقعة طلبت أم بيانا؟ وأبيك، إن البيان لصعب، وإنك منه لفي عباءة تتكشف عنها أستاه معانيك، تكشف است العنز عم ذنبها. الزمان دفء لا قر، والكلام، عراقي لا شامي. إني لأرى من دم اليربوع بكفيك، وألمح من كشى الضب على ماضغيك. فتبسم إلي وقال: أهكذا أنت يا أطيلس، تركب لكل نهجه، وتعج إليه عجه؟ فقلت: الذئب أطلس، وإن التيس ما علمت! فصاح به أبو عيينة: لا تعرض له، وبالحرا أن تخلص منه. فقلت: الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام! فقال: إنها كافية لو كان له جحر. فبسطاني وسألاني أن أقرأ عليهما من رسائلي، فقرأت رسالتي في صفة البرد والنار والحطب فاستحسناها.
رسالة الحلواء
ومن رسالتي في الحلواء حيث أقول: خرجت في لمة من الأصحاب، وثبة من الأتراب، فيهم فقيه ذو لقم، ولم أعرف به، وغريم بطن، ولم أشعر له، رأى الحلواء فاستخفه الشره، واضطرب به الوله، فدار قس ثيابه، وأسال من لعابه، حتى وقف بالأكداس وخالط غمار الناس، ونظر إلى الفالوذج فقال: بأبي هذا اللمص، انظروه كأنه الفص؛ مجاجة الزنابير، أجريت على شوابير، وخالطها لباب الحبة، فجاءت أعذب من ريق الأحبة.
ورأى الخبيص فقال: بأبي هذا الغالي الرخيص، هذا جليد سماء الرحمة، تمخضت به فأبرزت منه زبد النعمة، يجرح باللحظ، ويذوب من اللفظ. ثم ابيض، قالوا بماء البيض البض، قال غض من غض، ما أطيب خلوة الحبيب، لولا حضرة الرقيب! ولمح القبيطاء، فصاح: بأبي نقرة الفضة البيضاء، لا ترد عن العضة. أبنار طبخت أم بنور؟ فإني أراها كقطع البدور؛ وبلوز عجنت أم بجوز؟ فإني أراها عين عجين الموز. وموشى إليها وقد عدل صاحبها بدرهمين، وانتهشها بالنابين، فصاح: القارعة ما القارعة؟! هية! ويل للمرء من فيه! ورأى الزلابية، فقال: ويل لأمها الزانية، أبأحشائي نسجت، أم من صفاق قلبي ألفت؟ فإني أجد مكانها من نفسي مكينا، وحبل هواها على كبدي متينا، فمن أين وصلت كف طابخها إلى باطني، فاقتطعتها من دواجني؟ والعزيز الغفار، لأطلبنها بالثأر! ومشى إليها، فتلمظ له لسان الميزان، فأجفل يصيح: الثعبان الثعبان! ورفع له تمر النشا، غير مهضوم الحشا، فقال: مهيم! من أين لكم جنى نخلة مريم؟ ما أنتم إلا السحار، وما جزاؤكم إلا السيف والنار. وهم أن يأخذ منها. فأثبت في صدره العصا، فجلس القرفصا، يذري الدموع، ويبدي الخشوع. وما منا أحد إلا عن الضحك قد تجلد. فرقت له ضلوعي، وعلمت أن فيه غير مضيعي. وقد تجمل الصدقة على ذوي وفر، وفي كل ذي كبد رطبة أجر. فأمرت الغلام بابتياع أرطال منها تجمع أنواعها التي أنطقته وتحتوي على ضروبها التي أضرعته، وجاء بها وسرنا إلى مكان خال طيب، كوصف المهلبي :
خان تطيب لباغي النسك خلوته ... وفيه ستر على الفتاك إن فتكوا
فصبها رطبة الوقوع، كراديس كقطع الجذوع؛ فجعل يقطع ويبلغ، ويدحوا فاه ويدفع، وعيناه تبصان كأنهما جمرتان، وقد برزتا على وجهه كأنهما خصيتان، وأنا أقول له: على رسلك أبا فلان! البطنة تذهب الفطنة! فلما التقم جملة جماهيرها، وأتى على مآخيرها، ووصل خورنقها بسديرها، تجشأ فهبت منه ريح عقيم، أيقنا لها بالعذاب الأليم. فنثرتنا شذر مذر، وفرقتنا شغر بغر، فالتحمنا منه الظريان، وصدق الخبر فيه العيان: نفح ذلك فشرد الأنعام، ونفخ هذا فبدد الأنام، فلم نجتمع بعدها، والسلام. فاستحسناها، وضحكا عليها، وقالا: إن لسجعك موضعا من القلب، ومكانا من النفس، وقد أعرته من طبعك، وحلاوة لفظك، وملاحة سوقك، ما أزال أفنه، ورفع غينه، وقد بلغنا أنك لا تجازى في أبناء جنسك، ولا يمل من الطعن عليك، والاعتراض لك. فمن أشدهم عليك؟ قلت: جاران دارهما صقب، وثالث نابته نوب، فامتطى ظهر النوى، وألقت به في سرقسطة العصا. فقالا: إلى أبي محمد تشير، وأبي القاسم وأبي بكر؟ قلت: أجل قالا: فأين بلغت فيهم؟ قلت: أما أبو محمد فانتضى علي لسانه عند المستعين، وساعدته زراقة استهواها من الحاسدين،وأما أبو بكر فأقصر، واقتصر على قوله: له تابعة تؤيده. وأما أبو القاسم الإفليلي فمكانه من نفسي مكين، وحبه بفؤادي دخيل؛ على أنه حامل علي، ومنتسب إلي.
صاحب الإفليلي
فصاحا: يا أنف الناقة بن معمر، من سكان خيبر! فقام إليهما جني أشمط ربعة وارم الأنف، يتظالع في مشيته، كاسرا لطرفه، وزاويا لأنفه، وهو ينشد:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم، ... ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا؟
فقالا لي: هذا صاحب أبي القاسم، ما قولك فيه يا أنف الناقة؟ قال: فتى لم أعرف على من قرأ. فقلت لنفسي: العصا من العصية! إن لم تعربي عن ذاتك، وتظهري بعض أدواتك، وأنت بين فرسان الكلام، لم يطر لك بعدها طائر، وكنت غرضا لكل حجر عابر
تصف برغوثا فتقول:
صفة برغوث
أسود زنجي، وأهي وحشي؛ ليس بوان ولا زميل، وكأنه جزء لا يتجزأ من ليل؛ أو شونيزة، أوثقتها غريزة؛ أو نقطة مداد، أو سويداء قلب قراد؛ شربه عب، ومشيه وثب؛ يكمن نهاره، ويسري ليله؛ يدارك بطعن مؤلم، ويستحل دم كل كافر ومسلم؛ مساور للأساورة، يجر ذيله على الجبابر يتكفر بأرفع الثياب، ويهتك ستر كل حجاب، ولا يحفل ببواب؛ مناهل العيش العذبة، ويصل إلى الأحراج الرطبة، لا يمنع منه أمير، ولا ينفع فيه غيرة غيور، وهو أحقر كل حقير؛ شره مبثوث، وعهده منكوث، وكذلك كل برغوث، كفى نقصا للإنسان، ودلالة على قدرة الرحمن.
صفة ثعلب
وحتى تصف ثعلبا فتقول: أدهى من عمرو، وأفتك من قاتل حذيفة ابن بدر؛ كثير الوقائع في المسلمين، مغرى بإراقة دماء المؤذنين؛ إذا رأى الفرصة انتهزها، وإذا طلبته الكماة أعجزها؛ وهو مع ذلك يقراط في إدامه، وجالينوس في اعتدال طعامه، غداؤه حمام أو دجاج، عشاؤه تدرج أو دراج .
صاحب بديع الزمان
وكان فيما يقابلني من ناديهم متى قد رماني بطرفه، واتكأ لي على كفه، فقال: تحيل على الكلام لطيف، وأبيك! فقلت: وكيف ذلك؟ قال: أوما علمت أن الواصف إذا وصف لم يتقدم إلى صفته، ولا سلط الكلام على نعته، اكتفى بقليل الإحسان، واحجتزى بيسير البيان؟ لأنه لم يتقدم وصف بقرن بوصفه، ولا جرى مساق يضاف إلى مساقه. وهذه نسكتة بغذاذية، أنى لك بها يا فتى المغرب؟ فقلت لزهير: من هذا؟ قال: زبدة الحقب، صاحب بديع الزمان. فقلت: يا زبدة الحقب، اقترح لي قال: صف جارية. فوصفتها. قال: أحسنت ما شئت أن تحسن! قلت: أسمعني وصفك للماء. قال: ذلك من العقم. قلت: بحياتي هاته. قال: أزرق كعين السنور، صاف كقضيب البلور؛ انتخب من الفرات واستعمل بعد البيات، فجاء كلسان الشمعة، في صفاء الدمعة.
لما انتهيت في الصفة، ضرب زبدة الحقب الأرض برجله، فانفرجت له عن مثل برهوت، وتد هدى إليها، واجتمعت عليه، وغابت عينه، وانقطع أثره. فاستضحك الأستاذان من فعله، واشتد غيظ أنف الناقة علي
رجع إلى أنف الناقة
فقال: وقعت لك أوصاف في شعرك تظن أني لا أستطيعها؟ فقلت له: وحتى تصف عارضا فتقول:
ومرتجز ألقى بذي الأثل كلكلا ... وحط بجرعاء الأبارق ما حطا
وسعى في قياد الريح يسمح للصبا، ... فألقت على غير التلاع به مرطا
صاحب أبي إسحاق بن حمام
وشمر لي فتى، كان إلى جانبه، عن ساعد، وقال لي: وهل يضر قريحتك، أو ينقص من بديهتك لو تجافيت لأنف الناقة، وصبرت له؟ فإنه على علاته زير علم، وزنبيل فهم، وكنف رواية. فقلت لزهير: من هذا؟ فقال: هو أبو الآداب صاحب أبي إسحاق بن حمام جارل. فقلت: يا أبا الآداب، وزهرة ريحانة الكتاب، رفقا على أخيك بغرب لسانك، وهل كان يضر أنف الناقة، أو ينقص من علمه، أو يفل شفرة فهمه، أن يصبر لي على زلة تمر في شعر أو خطبة، فلا يهتف بها بين تلاميذه، ويجعلها طرمذة من طراميذه؟ فقال: إن الشيوخ قد تهفو أحلامهم في الندرة. فقلت: إنها المرة بعد المرة.
ثم قال لي الأستاذان عتبة بن أرقم، وأبو هبيرة صاحب عبد الحميد: إنا لنخبط منك ببيداء حيرة، وتفتق أسماعنا منك بعبرة، وما ندري أنقول: شاعر أم خطيب؟ فقلت: الإنصاف أولى، والصدع بالحق أحجى ولا بد من قضاء. فقالا: اذهب فإنك شاعر خطيب. وانفض الجمع والأبصار إلي ناظرة، والأعناق نحوي مائلة.

الفصل الثالث : نقاد الجن
مجلس أدب
وحضرت أنا أيضا وزهير مجلسا من مجالس الجن، فتذاكرنا ما تعاورته الشعرا من المعاني، ومن زاد فأحسن الأخذ، ومن قصر. فأنشد قول الأفوه بعض من حضر:
وترى الطير على آثارنا ... رأي عين ثقة أن ستمار
وأنشد آخر قول النابغة :
إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب
:  وأنشد آخر قول أبي نواس
تتأيا الطير غدوته ... ثقة بالشبع من جزره
وأنشد آخر قول صريع الغواني :

قد عود الطير عادات وثقن بها، ... فهن يتبعنه في كل مرتحل
فقال شمردل السحابي: كلهم قصر عن النابغة، لأنه زاد في المعنى ودل على أن الطير إنما أكلت أعداء الممدوح، وكلامهم كلهم مشترك يحتمل أن يكون ضد ما نواه الشاعر، وإن كان أبو تمام قد زاد في المعنى. ولكن الذي خلص هذا المعنى كله، وزاد فيه، وأحس التركيب، ودل بلفظة واحدة على ما دل عليه شعر النابغة وبيت المتنبي، من أن القتلى التي أكلتها الطير أعداء الممدوح، فاتك بن الصقعب في قوله :
وتدري سباع الطير أن كماته، ... إذا لقيت صيد الكماة، سباع
لهن لعاب في الهواء وهزة، ... إذا جد بين الدرعين قراع
فاهتز المجلس لقوله، وعلموا صدقه. فقلت لزهير: من فاتك بن الصقعب؟ قال: يعني نفسه. قلت له: فهلا عرفتني شأنه منذ حين؟ إني لأرى نزعات كريمة؟ وقمت فجلست إليه جلسة المعظم له. فاستدار نحوي، مكرما لمكاني، فقلت: جد أرضنا، أعزك الله، بسحابك، وأمطرنا بعيون آدابك. قال: سل عما شئت. قلت: أي معنى سبقك إلى الإحسان فيه غيرك، فوجدته حين رمته صعبا إلا عليك أنك نفذت فيه؟ قال:
قلت: أعزك الله، هو من العقم. ألا ترى عمر بن أبي ربيعة، وهو من أطبع الناس، حين رام الدنو منه والإلمام به، كيف افتضح في قوله
ونفضت عني النوم أقبلت مشية ال ... حباب، وركني خيفة القوم أزور
قال: صدقت، إنه أساء قسمة البيت، وأراد أن يلطف التوصل، فجاء مقبلا بركت كركنه أزور. فأعجبني ذلك منه، وما زلت مقدما لهذا المعنى رجلا، ومؤخرا عنه أخرى، حتى مررت بشيخ يعلم بنيا له صناعة الشعر وهو يقول له: إذا اعتمدت معنى قد سبقك إليه غيرك فأحسن تركيبه، وأرق حاشيته فاضرب عنه جملة. وإن لم يكن بد ففي غير العروض التي تقدم إليها ذلك المحسن، لتنشط طبيعتك طبيعتك، وتقوى منتك.
فصاح صيحة منكرة من صياح الجن كاد ينخب لها فؤادي فزعا، والله، منه! وكان بنجوة منا جني كأنه هضبة لركتنته وتقبضه، يحدق في دونهم، يرميني بسهمين نافذين، وأنا ألوذ بطرفي عنه، وأستعيذ بالله منه، لأنه ملأ عيني ونفسي. فقال لي لما انتهيت، وقد استخفه الحسد: على من أخذت الزمير؟ قلت: وإنما أنا نفاخ عندك منذ اليوم؟ قال: أجل! أعطنا كلاما يرعى تلاع الفصحاحة، ويستحم بماء العذوبة والبراعة، شديد الأسر جيد النظام، وضعه على أي معنى شئت. قلت: كأي كلام؟ قال: ككلام
أبي الطيب:
نزلنا على الأكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه، أن نلم به ركبا
نذم السحاب الغر في فعلها به، ... ونعرض عنها، كلما طلعت، عتبا
فأدني والله بما قرع به سمعي، وقلت له: أي ماء لو كان من جمامك واستهلت به عين غمامك


الفصل الرابع : حيوان الجن
لغة الحمير
ومشيت يوما وزهير بأرض الجن أيضا نتقرى الفوائد ونعتمد أندية أهل الآداب منهم، إذ أشرفنا على قرارة غناء، تفنر عن بركة ماء، وفيها عانة من حمر الجن وبغالهم، قد أصابها أولق فهي تصطك بالحوافر، وتنفخ من المناخر، وقد اشتد ضراطها، وعلا شحيجها وهاقها. فلما بصرت بنا أجفلت إلينا وهي تقول: جاءكم على رجليه! فارتعت لذلك، فتبسم زهير وقد عرف القصد، وقال لي: تهيأ للحكم. فلما لحقت بنا بد أني بالتفدية، وحيتني بالتكنية. فقلت: ما الخطب، حمي حماك أيتها العانة، وأخصب مرعاك؟ قالت: شعران لحمار وبغل من عشاقنا اختلفنا فيها، وقد رضيناك حكما قلت: حتى أسمع. فقدمت إلي بغة شهباء، عليها جلها وبرقعها، لم تدخل فيما دخلت فيه العانة من سوء العجلة وسخف الحركة
فضحك زهير، وتماسكت، وقلت للمنشدة: ما هويت؟ قالت: هو هويب، بلغة الحمير. فقلت: والله، إن للروث رائحة كريهة، وقد كان أنف الناقة أجدر أن يحكم في الشعر! فقالت: فهمت عنك وأشارت إلى العانة أن دكينا مغلوبا؛ ثم انصرفت قانعة راضية.
وقالت لي البغلة: أما تعرفني أبا عامر؟ قلت: لو كانت ثم علامة! فأماطت لثامها، فإذا هي بغلة أبي عيسى، والخال على خدها، فتباكينا طويلا، وأخذنا في ذكر أيامنا، فقالت: ما أبقيت منك؟ قلت: ما ترين. قالت: شب عمرو عن الطوق! فما فعل الأحبة بعدي، أهم على العهد؟ قلت: شب الغلمان، وشاخ الفتيان، وتنكرت الخلان؛ ومن إخوانك من بلغ الإمارة، وانتهى إلى الوزارة. فتنفست الصعداء، وقالت: سقاهم الله سبل العهد، وإن حالوا عن العهد، ونسوا أيام الود. بحرمة الأدب، إلا ما أقرأتهم مني السلام؛ قلت: كما تأمرين وأكثر.

الإوزة الأدبية
وكانت في البركة بقربنا إوزة بيضاء شهلاء، في مثل جثمان النعامة، كأنما ذر عليها الكافور، أو لبست غلالة من دمقس الحرير، لم أر أخف من رأسها حركة، ولا أحسن للماء في ظهرها صبا، تثني سالفتها، وتكسر حدقتها، وتلولب قمحدوتها، فترى الحسن مستعارا منها، والشكل مأخوذا عنها، فصاحت بالبغلة: لقد حكمتهم بالهور، ورضيتم من حاكمكم بغير الرضا.
فقلت لزهير: ما شأنها؟ قال: هي تابعة شيخ من مشيختكم، تسمى العاقلة، وتكنى أم خفيف، وهي ذات حظ من الأدب، فاستعد لها. فقلت: أيتها الإوزة الجميلة، العريضة الطويلة، أيحسن بجمال حدفتيك، واعتدال منكبيك، واستقامة جناحيك، وطول جيدك، وصغر رأسك، مقابلة الضيف بمثل هذا الكلام، وتلقي الطارئ الغريب بشبه هذا المقال؟ وأنا الذي همت بالإوزة صبابة، واحتملت في الكلف بها عض كل مقالة؛ وأنا الذي استرجعتها إلى الوطن المألوف، وحببتها إلى كل غطريف، فاتخذتها السادة بأرضنا واستهلك عليها الظرفاء منا، ورضيت بدلا من العصافير، ومتكلمات الزرازير، ونسيت لذة الحمام، ونقار الديوك، ونطاح الكباش .
فدخلها العجب من كلامي، ثم رفعت وقد اعترتها خفة شديدة في مائها، فمرة سابحة، ومرة طائرة، تتغمس هنا وتخرج هناك، قد تقبب جناحاها، وانتصبت ذناباها، وهي تطرب تطريب السرور؛ وهذا الفعل معروف من الإوز عند الفرح والمرح. ثم سكنت وأقامت عنقها، وعرضت صدرها، وعلمت بمجدافيها، واستقبلتنا جائية كصدر المركب، فقالت: أيها الغار المغرور، كيف تحكم في الفروع وأنت لا تحكم الأصول؟ ما الذي تحسن؟ فقلت: ارتجال شعر، واقتضاب خطبة، على حكم المقترح والنصبة. قالت: ليس عن هذا أسالك. قلت: ولا بغير هذا أجاوبك قالت حكم الجواب أن يقع على أصل السؤال، وأنا إنما أردت بذلك إحسان النحو والغريب اللذين هما أصل الكلام، ومادة البيان. قلت: لا جواب عندي غير ما سمعت. قالت: أقسم أن هذا منك غير داخل في باب الجدل. فقلت: وبالجدل تطلبيننا وقد عقدنا سلمه، وكفينا حربه، وإن ما رميتك به منه لأنفذ سهامه، وأحد حرابه، وهو من تعاليم الله .
في محكم كتابه حاكيا عن نبيه إبراهيم، عليه السلام: " ربي الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت " . فكان لهذا الكلام من الكافر جواب، وعلى وجوبه مقال؛ ولكن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما لاحت له الواضحة القاطعة، رماه بها، وأضرب عن الكلام الأول، قال: " فإن الله يأتي بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب، فلهت الذي كفر " وأنا لا أحسن غير ارتجال شعر، واقتضاب خطبة، على حكم المقترح و  النصبة، فاهتزت من جانبيها، وحال الماء من عينيها، وهمت بالطيران .
ثم اعتراها ما يعتري الإوز من الألفة وحسن الرجعة، فقدمت عنقها ورأسها إلينا نمشي نحونا رويدا، وتنطق نطقا متداركا خفيا، وهو فعل الإوز إذا أنست واستراضت وتذللت؛ على أني أحب الإوز وأستظرف حركاتها وما يعرض من سخافاتها.
ثم تكلمت بها مبسبسا، ولها مؤنسا، حتى خالتتنا وقد عقدنا سلمها وكفينا حربها، فقلت: يا أم خفيف، بالذي جعل غذاءك ماء، وحشا رأسك هواء، ألا أيما أفضل: الأدب أم العقل؟ قالت: بل العقل. قلت: فهل تعرفين في الخلائق أحمق من إوزة، ودعيني من مثلهم في الحبارى؟ قالت: لا قلت: فتطلبي عقل التجربة، إذ لا سبيل لك إلى عقل الطبيعة، فإذا أحرزت منه نصيبا، وبؤت منه بحظ، فحينئذ ناظري في الأدب. فانصرفت وانصرفنا .

رسالة التوابع والزوابع لابن شهيد (1)

مقدمة

حظي النثر في العصر الأندلسي بمكانة مميزة ربما تفوّق فيها على الشعر ؛ حيث تنوعت فروعه وانضمت إليه القصة والتي تناولت الكثير من الأحداث والأبطال . وفي هذا قدّم ابن شهيد ( رسالة التوابع والزوابع ) ؛ وهي رسالة أدبية نقدية أتت شكلاً جديدا للنثر.

 وقد اختار ابن شهيد اسم التوابع والزوابع لكتابه دالاًّ على المحتوى ؛ فالتوابع جمع تابع وهو الجني الذي يتبع الإنسان ويحبه ويرافقه ، أما الزوابع فهي جمع زوبعة وهي شيطان مارد أو رئيس من الجن.

وتعد رسالة التوابع والزوابع من أشهر مؤلفات ابن شهيد وأهمها ، وذلك لضمها آراءَه الأدبية والنقدية ، واصطباغها بالطابع القصصي ، وبها كثير من الخيال ، فتدخل ضمن نوادر

وفي التوابع والزوابع تخيّل المؤلف أنه قام برحلة إلى عالم الجن ، وهناك التقى بشياطين الشعراء والكتاب ، ووقعت بينهم مناظرات أدبية تفوّق فيها ابن شهيد على الجميع ، وأرضى غروره وذلك في إطار قصصي ، وفي رسالته التقى ابن شهيد بتوابع عدد من الشعراء والأدباء منهم امرئ القيس ، وطرفة بن العبد ، وقيس بن الخطيم ، وأبو تمام ، والبحتري ، وأبو نواس، والمتنبي ، والجاحظ ، وغيرهم . 

ورسالة ابن الشهيد : عبارة عن مدخل وأربع فصول :

فصل في توابع الشعراء ، وفصل في توابع الكتاب ، وفصل في نقاد الجن ، وفصل في حيوان الجن.

 

 

الفصل الأول : توابع الشعراء

 

شيطان امرئ القيس

 

تذاكرتُ يوماً مع زُهير بن نُميرٍ أخبار الخُطباء و الشعُّراء، وما كان يألفُهُم من توابع والزوابع، وقلتُ: هل حيلةٌ في لقاء من اتفق منهم؟ قال: حتى أستأذن شيخنا. وطار عني ثم انصرف كلمحٍ بالبَصَر، وقد أُذن له، فقال: حُلَّ على متن الجَوادِ. فصرنا عليه؛ وسار بنا كالطائر يجتابُ الجوَّ فالجوَّ، ويقطعُ الدَّوَّ فالدَّوَّ، حتى التمحتُ أرضاً لا كأرضنا، وشارفتُ جواً لا كجوّنا، متفرع الشجر، عطر الزَّهر؛ فقال لي: حللتَ أرض الجن أبا عامر، فبمن تُريدُ أن نبدأ؟ قلتُ: الخطباء أولى بالتقديم، لكني إلى الشعراء أشواق. قال: فمن تُريدُ منهم؟ قلت: صاحب امرئ القيس. فأما العنان إلى وادٍ من الأدوية ذي دَوحٍ تتكسرُ أشجارُه، وتترنمُ أطياره، فصاح: يا عُتيبةُ بن نوفل، بسقط اللّوى فحومل، ويمِ دارةِ جُلجُل، إلاَّ ما عرضتَ علينا وجهك، وأنشدتنا من شعرك، وسمعت من الإنسي، وعرَّفتنا كيف إجازتُك له! فظهر لنا فارسٌ على فرسٍ شقراء كأنها تلتهب، فقال: حياك الله يا زُهير، وحيّا صاحبك أهذا فتاهُم؟ قلتُ: هو هذا، وأيُّ جمرةٍ يا عتُيبة! فقال لي: أنشد؛ فقلتُ: السيدُ أولى بالإنشاد. فتطامح طرفُه، واهتزَّ عطفه، وقبض عنانَ الشقراء وضربها بالسّوط، فسمت تُحضر طُولاً عنّا، وكرَّ فاستقبلنا بالصَّعدةِ هازاً لها، ثم ركزها وجعل ينشد :
سما لك شوقٌ بعدما كان أقصرا
حتى أكمَلها ثم قال: لي: أنشِد؛ فهمتُ بالحيصة، ثم اشتدَّت قُوى نفسي وأنشدت:
شَجَتْهُ مَعانٍ من سُليمى وأدْؤرُ
حتى انتهيتُ فيها إلى قول :
من قبة لايدرك الطرف رأسها **** تزل بها ريح الصبا فتحدر
فلما انتهيتُ تبسمَّ وقال: لنعمَ ما تخلّصتَ! اذهب فقد أجزته


شيطان طرفة .
فقال لي زُهير: من تُريدُ بعدُ؟ قلتُ: صاحب طرفة. فجزعنا وادي عُتيبة، وركضنا حتى انتهينا إلى غيضةٍ شجرُها شجران: سامٌ يفوحُ بهاراً، وشحرٌ يعبق هندياً وعاراً. فرأينا عيناً معينةً تسيل، ويدُورُ ماءها فلكياً ولا يحُل. فصاح به زهير: يا عنترُ بن العجلان، حلَّ بك زهيرٌ وصاحبه، فبخَولة، وما قطعت معها من ليلة، إلاَّ ما عرضت وجهك لنا! فبدا إلينا راكبٌ جميلُ الوجه، قد توشح السّيف، واشتمل عليه كساء خزّ، وبيده خطّيّ، فقال: مرحباً بكُما! واستنشدني فقلتُ: الزعيمُ أولى بالإنشاد؛ فأنشد:
لِسُعدى بِحِزَّانِ الشُّريف طُلُول
حتى أكملها، فأنشدته من قصيدة
أمِن رسمِ دارٍ بالعقيقِ مُحِيلِ
حتى انتهيتُ إلى قولي :
ولما هبطنا الغيث تذعر وحشه ... على كل خوار العنان أسيل
وثارت بنات الأعوجيات بالضحى ... أبابيل، من أعطاف غير وبيل
فصاح عنتر: لله أنت! اذهب مجاز. وغاب عنا. ثم ملنا عنه.


شيطان قيس بن الخطيم
فقال لي زهير: إلى من تتوق نفسك بعد من الجاهليين؟ قلت: كفاني من رأيت؛ اصرف وجه قصدنا أبي تمام. فركضنا ذات اليمين حينا، ويشتد في إثرنا فارس كأنه الأسد، على فرس كأنها العقاب، وهو في عدوه ذلك ينشد:
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائر، ... لها نفذ، لولا الشعاع، أضاءها
فقال لي: أنشدنا يا أشجعي، وأقسم أنك إن لم تجد ليكونن يوم شر


صاحب أبي تمام

ثم انصرفنا، وركضنا حتى انتهينا إلى شجرة غيناء يتفجر من أصلها عين كمقلة حواء. فصاح زهير: يا عتاب بن حبناء، حل بك زهير وصاحبه، فبعمرو والقمر الكالع، وبالرقعة المفكوكة الطابع، إلا ما أريتنا وجهك! فانفلق ماء العين عن وجه فتى كفلقة القمر، ثم اشتق الهواء صاعدا إلينا من قعرها حتى استوى معنا فقال: حياك الله يا زهير، وحيا صاحبك! فقلت: وما الذي أسكنك قعر هذه العين يا عتاب؟ قال: حيائي من التحسن باسم الشعر وأنا لا أحسنه. فصحت: ويلي منه؛ كلام محدث ورب الكعبة! واستنشدني فلم أنشده إجلالا له، ثم أنشدته:
أبكيت، إذ طعن الفريق، فراقها ....
فقال: زدني من رثائك وتحريضك، فأنشدته:
أفي كل عام مصرع لعظيم؟ ... أصاب المنايا حادثي وقديمي
هوى قمرا قيس بن عيلان آنفا، ... وأوحش من كلب مكان زعيم


صاحب البحتري
ثم قال لي زهير: من تريد بعده؟ قلت: صاحب أبي نواس؛ قال: هو بدير حنة منذ أشهر، قد علبت عليه الخمر، ودير حنة في ذلك الجبل. وعرضه علي، فإذا بيننا وبينه فراسخ. فركضنا ساعة وجزنا في ركضنا بقصر عظيم قدامه ناورد يتطارد فيه فرسان، فقلت: لمن هذا القصر يا زهير؟ قال: لطوق بن مالك؛ وأبو الطبع صاحب البحتري في ذلك الناورد، فهل لك في أن تراه؟ قلت: ألف أجل، إنه لمن أساتيذي،، وقد كنت أنسيته. فصاح: يا أبا الطبع! فخرج فتى على فرس أشعل، وبيده قناة، فقال له زهير: إنك مؤتمنا؛ فقال: لا، صاحبك أشمخ مارنا من ذلك، لولا أنه ينقصه. قلت: أبا الطبع على رسلك، إن الرجال لا تكال بالقفزان. أنشدنا من شعرك. فأنشد :
ما على الركب من وقوف الركاب .....
حتى أكملها، ثم قال: هات إن كنت قلت شيئا. فأنشدته
هذه دار زينب والرباب

حتى انتهيت فيها إلى قولي :
وارتكضنا حتى مضى الليل يسعى، ... وأتى الصبح قاطع الأسباب
فكأن النجوم في الليل جيش ... دخلوا للكمون في جوف غاب




الاثنين، 2 ديسمبر 2019

نظرية الجشطلت 1


معنى كلمة الشجطالت : 

الشخص ينتبه للشيء المدرك كوحدة واحدة وتمسى بالصورة الكلية او الشكل او الصيغة 


نشأت النظرية في ألمانيا حوالي 1912 في مذهب الفكر السيكولوجي الذي عرف باسم " علم نفس الجشطالت "
رائدها ماكس فرتهيمر الذي ادرك قانون الامتلاء , واعترض على فكرة تحليل السلوك.
وفضل انتشار أفكار هذه المدرسة الى كتابات " ولفنج كوهلو " و " كيرك كوفكا "
ولفنج كوهلو وضح مبدأ التعلم بالاستبصار
قدم اول محاولة لتفسير الظواهر السلوكية 
بينما كيرك نشر كتاب نمو العقل العام ونشر كتاب عن أسس علم نفس الجشطالت


الأسس العامة لمدرسة الجشطالت

1. الطبيعة الكلية لعملية الادراك ومفهوم الجشطالت :
المفهوم بالادراك هو العملية العقلية التي تتم بها معرفتنا للعالم الخارجي عن طريق المنبهات الحسيه , فهو إعطاء معنى ودلاله على مانتقله حواسنا وأحاسيسنا .
خصائص الادراك عند الجشطالت :
أ. إدراكنا يتم للكليات : أن ادراكنا للأشياء الخارجية يكون من خلال الصورة الكلية فأن ادراك الكل يسبق ادراك الأجزاء وان كل جزء تتغير وظيفته بحسب الكل الذي ينتمي أليه
** الكل شي أكبر من مجموع اجزائه
مثال :


ب. الشكل والأرضية : نميل الى تنظيم المدركات البصرية الى شكل وأرضية فمثلاً نحن نركز على الكلمات المكتوبة ولايلفت انتباهنا الفراغ المحيط بتلك الكلمات .
وأيضا نميل الى تنظيم المدركات الصوتية الى شكل وارضية فالصوت هوا الشكل والارضية هيا الصمت .
من مميزات الشكل انه متماسك ويمتاز كذلك بان له معنى يساعده على البروز , وتمتاز الأرضية بان ليس لها حدود ولذلك اذا ظهر الشكل اختفت الأرضية .
** تحديد ماهوا شكل وماهوا أرضية فهو امر نسبي يرتبط بظروف معينة .
مثال ( الكأس والوجهين ) .
 







                                                  
2. معنى السلوك : يعترض الجشطالتيون على الاتجاه التحليلي للسلوك وفرقو بين نمطين من السلوك : النمط الاستجابي , النمط الكتلي
أ. النمط الاستجابي : تؤمن به المدرسة السلوكية يحث يمكن من وجهة نظرهم تحليل السلوك الإنساني بجميع أنواعه : ( م                    س )
هناك علاقة بين المثير الموجود بالبيئة وبين الاستجابة المقابلة لها أما ان تكون تلك العلاقة وراثية فطرية او قد تكون مكتسبة ومتعلمه .

ب. النمط الكتلي : وهوا ما تؤمن به مدرسة الجشطالت حيث ترى ان السلوك الصادر عن الانسان يتصف بالكتلية او الكلية بمعنى ان السلوك يصدر كوحدة واحدة لا تقبل التجزئة او التحليل  .
ويرى أصحاب مدرسة الشجطالت ان النمط الاستجابي موجود لكن لايحقق قيمة تذكر من الناحية النفسية وكذلك فشل في تفسير الظواهر النفسية ويرون كذلك ان السلوك لايمكن تحليله لمثير واستجابة .
3.معنى البيئة : ينظر السلوكيين على أن البيئة حقيقة واقعية فالبيئة في نظرهم صاحبة المقولة الأولى في تشكيل شخصية الانسان .
أما رأي الجشطالتيون ان البيئة ظاهراتية ونسبية
معنى الظاهراتية أي ان الأشياء ينظر إاليها لا على ماهي عليه بالفعل بل في حدود مالها من دلالة سيكولوجية .
وبذلك فهم يؤكدو على عدم فصل الكائن الحي عن بيئته .
اما المقصود بمبدأ النسبية : ان لاشي يمكن أدراكه كشي في ذاته بل في علاقته بغيره من الأشياء .
4. أهمية الخبرة : يرى أصحاب المدرسة السلوكيه ان سلوك الانسان يرجع الى عاملين :
أ. الاستعدادات الفطرية            ب . الخبرة السابقة
أما الجشطالتيون يرون ان توافر هذان العاملين لايكفي لحل المشكلة فقامو بأضافة عاملاً ثالثاً
وهوا العامل الدينامي فالتنظيم يمكن حدوثه دون وجود الخبرة السابقة .
**علماء الجشطالت يرون ان الخبرة السابقة لها اثر بالتنظيم على ظروف الموقف الحاضر أهم من أثر الماضي , أما السلوكيون يضعون أهمية الخبرة والتجربة الماضية في مقدمة العوامال الي تساعد على التعلام .